ما إن سكن غبار القصف الإسرائيلي حتى قامت السيدة الثلاثينية روزان الخازندار في اليوم التالي لوقف العدوان على غزة، وذهبت إلى شركتها، ففتحتها على الفور وباشرت العمل “حسيت أنها مسؤولية في عاتقي أني أرجع أكمل اللي بدأت فيه من سنوات” تقول روزان لمصراوي.
حينما وقع القصف الإسرائيلي على غزة في 10 مايو الجاري، كانت روزان بدأت خطواتها في مبادرة أطلقتها باسم “أكاديمية فراشات فلسطين”، أرادت مصممة الجرافيك دعم البنات والشباب في القطاع المحاصر ممن لديهم موهبة “بعلمهم كيف يستفيدوا من مواهبهم في مشروع خاص بهم بحيث يكون ليهم منتجات يبيعوها أون لاين”.
بلغ حماس مصممة الجرافيك السماء. أفراد جدد ينضمون لمسيراتها المنطلقة عام 2014، لكن سرعان ما انهار كل شيء مع قذائف الاحتلال للأبراج السكنية والمباني غير الخالية من السكان، والتي أسفرت عن سقوط 254 شهيدًا، و1948 مصابًا حسب آخر إحصاء لوزارة الصحة الفلسطينية.
أغلقت روزان على نفسها وأسرتها غرفة داخل منزلها بحي الرمال- وسط غزة- حتى إذا ما جاءهم الموت رحلوا معًا، واصلت تلاوة الشهادة، فيما تسمع أطفالها يحكون “الصاروخ اللي بنسمعه أحسن من اللي ما نسمعوش لأن اللي ما نسمعوش بنكون ساعتها بالفعل ميتين”. ما كان بيد الأم الثلاثينية سوى التسليم لله كما تصف شأن نحو 2 مليون يسكنون القطاع المحاصر.
تدمرت روزان نفسيًا مثل البيوت المقصوفة “حسيت إن مفيش مجال إن احنا نعيش تاني”. كادت أن تفقد أملها لولا تداركتها يد الدعم من أصدقائها المؤمنين بطريقها في ريادة الأعمال خاصة السيدات “كانوا يتصلوا عليا: روزان ارجعي متوقفيش”. نفضت صاحبة شركة التصميم والدعاية عن نفسها الألم ومشاعر الضياع وخوفا كتم صدرها وأسرتها 11 يومًا، وانطلقت تشارك معلنة شعارا اتخذه العديد “حنعمرها”.
جمعت روزان أفراد فريق شركتها “بيشتغل معي 14 من شباب غزة الموهوبين”، سلموا جميعًا إلا من ضرر مادي. توجهت مصممة الجرافيك في البداية لعمل مبادرة للشباب الخريجين العاطلين عن العمل، ثم أضافت إليها المتضررين من العدوان. وجدت السيدة الثلاثينية أن كثيرين فقدوا أدوات أساسية لعملهم، لذا أطلقت مبادرتين.
تختص مبادرة روزان الأولى بالسيدات المتضررات من العدوان. نشرت ابنة حي الرمال قبل أيام استمارة لتستقبل طلبات وحكايات المعاناة “في ناس تضررت ماديًا بنحاول نعوضهم وناس تضرررت نفسيًا نحاول نعمل لهم تفريغ نفسي لهم وأولادهم”.
تعمل روزان على تجميع البيانات ودراستها كمرحلة أولى، ثم الاتصال بأصحابها وزيارتهم لتتفقد حجم الضرر بنفسها وما الذي يمكن تقديمه للسيدة المتضررة، وعلى هذا الأساس تنطلق مصممة الجرافيك إلى آخر مرحلة لتقديم الدعم.
انضمت روزان إلى منتدى سيدات الأعمال في رام الله منذ سنوات، وتطوعت للعمل في وزارة شؤون المرأة، فضلاً عن أن مجال عملها فتح لها الباب للتواصل مع العديد من الجهات المانحة، ومن ثم بإمكانها توصيل صوت هؤلاء السيدات لمنحهن التمويل اللازم.