فراشات فلسطين

بعد أن أقامت روزان الخزندار، مصمّمة ومبادرة تبلغ من العمر 34 عامًا من قطاع غزة، شركة التصميم الخاصة بها والتي تشغّل ثمانية أشخاص، أقامت مبادرتها “من كل بستان وردة” لمساعدة النساء اللواتي تواجهن صعوبات بالانخراط في سوق العمل في غزّة. “نظّمنا حتّى الآن ورشات لتطوير وتعزيز عشرات النساء في غزّة، من ضمنهنّ ستة نساء افتتحن مشاريعهن الخاصّة”، تحكي روزان بفخر، “من القوّة أن ننجح نحن النساء بمساعدة بعضنا البعض. يهمني ألا تبقى امرأة واحدة دون عمل.”
اليوم، تعمل الخزندار على مشروع جديد لها: “فراشات فلسطين”، مبادرة جديدة لخلق حيّز افتراضي لنساء فلسطينيّات من مجال التصميم. الجهود الهائلة التي تبذلها إسرائيل للتفرقة والفصل بين الفلسطينيين في غزة، إسرائيل، الضفة الغربية والخارج، استطاعت أن تفكك عائلات وتقطع العلاقات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة. تقول روزان بأمل أن “المساحة الافتراضيّة يمكنها أن تجسر هذه الهوّة وتلتف على التقييدات وعلى الأقل إلى أن نتمكّن من الحركة واللقاء مجددًا. وهذا ما ترمز إليه الفراشات.”

وتُضيف الخزندار “يوجد لدي خطان إنتاج، الأول يستطيع الشخص اختيار التصميم المعين، وبعد ذلك شعرت أن هناك ربح بدون قيمة للعمل”. وتُبين، أن الخط الثاني من العمل خصصت فيه جزءاً من أرباحها لاحتضان سيدات وشباب لديهم أفكار وخبرات، والاختصاص بعمل منتجات خاصة تَعرِض فيها الجانب المُشرق من قطاع غزة، وعمل تصاميم تُظهر فيها الجمال والطبيعة والمعالم الأثرية، والشخصيات المبدعة في غزة. 

وتشير إلى أنّها تعمل على إنتاج منتجات خاصة بالتراث مثل: خشب الزيتون، والتي تتمثل في طباعة شكل غزة على شجر الزيتون، وأعمال أكثر تطوراً؛ كي يقتنيها الأجانب عند زيارتهم لقطاع غزة، وشرائهم مثل هذه المنتجات.

 الإنجازات والتحديات 

تروي الخزندار أنها فهمت سريعا اهتمامها بتصميم منتجات يمكنها “أن تؤثر على نظرة المجتمع وتؤدي إلى تغيير حقيقيّ”.

 عام 2014، عندما غرقت شبكة الانترنت والإعلام العالمي بصور الدمار والخراب الكارثيّة التي خلّفتها عمليّة الجرف الصامد في غزّة، بادرت الخزندار لمشروع ” Gaza is beautiful” الذي صممت فيه ملصقات تعرّف بالحياة والجمال في غزّة. “واقعنا بعد الحرب كان أصعب مما يُحتمل”، تتذكّر. “تمحورت الحياة حول الموت والدمار. حاول مشروعي أن يستعرض جانبًا آخر من غزّة – الجانب الحي. ذلك الجانب الذي ينجح، رغم كل الظروف، أن ينهض من تحت الركام.”

أقامت الخزندار موقعًا على الانترنت تعرض فيه مشروعها وتبيع تصاميمها مطبوعة على ملصقات، قمصان، محفظات، وحمّالات مفاتيح. أحد الفنادق السبّاقة في غزّة عرض مشروعها وتبيع منتجاتها في الفندق. 

نجح المعرض، وتواصل الكثيرون مع رسالتها، وحضروا إلى المعرض لشراء المنتجات التي تحمل تصاميمها، الظروف الصعبة في قطاع غزّة، قلّة فرص العمل ونسب البطالة المرتفعة دفعت الخزندار لتحاول بيع منتجاتها خارج حدود القطاع. فعلت الخزندار ذلك رغم معرفتها بأنّها مهمة شبه مستحيلة بسبب الإغلاق الإسرائيليّ والتقييدات الإسرائيليّة الكثيرة على حركة الناس والبضائع.

رغم الطلب الكثير، ورغم إرادة الخزندار الصلبة، منعت السياسات الإسرائيليّة تسويق المنتجات للضفّة الغربيّة، إذ تُفرض تقييدات كثيرة على تصدير البضائع بكميّات صغير عبر معبر كرم أبو سالم. 

في الظروف الاقتصاديّة المتردية التي نشأت في غزّة، إثر سنوات طويلة من الاغلاق الخانق، لا تواجه النساء مجرّد احتمالات ضئيلة لإيجاد فرص عملٍ، إنما تواجه أيضًا معايير إسرائيليّة ضيّقة لتصاريح الحركة التي تمكنها إسرائيل، معايير مبنية وفقا لمجالات عمل مصنفة على انها تخص الرجال، وتقيّد أكثر فأكثر إمكانيّات التعليم، العمل، والتطوير المهنيّ خارج القطاع.

وتُشير إلى أن أكبر إنجازين حققتهم عام 2017 ، كان الأول؛ حينها حصلت على لقب المرأة الريادية وتم اختيارها للسفر إلى أمريكا، وذلك للمشاركة في برنامج”women  entrepreneurial”، أما عن إنجازها الثاني والذي تعتبره أكثر من إنجاز وفخر بالنسبة لها ولأهل غزة؛ وهو أنه يتم تدريس قصة نجاحها كامرأةفلسطينية من غزةفي الجامعات الأهلية والمدارس الحكومية الأردنية في عَمان، من خلال كتاب “تأسيس الشركات”، المدعوم من الملكة رانية والملك عبد الله، والذي يحتضن جميع المشاريع الناشئة الكبيرة وكيف يُمكن أن تُصبح ريادياً، فكان من أول قصص النجاح المذكورة في الكتاب، قصة نجاحي “روزان الخزندار من غزة”.

و خلال العام 2020، أقامت الخزندار شركة “روزا” للتصميم الجرافيكي، والتي تعمل بها اليوم 14 موظفو وموظف. يجري العمل في “روزا” حتّى ساعات الظهيرة، ومن ثم يبقى المكتب مفتوحًا حتّى يتمكّن الموظّفون من استخدام المساحة والمعدّات المكتبيّة لتطوير وإنشاء مشاريعهنّ الخاصّة. “هناك الكثير من المبدعين في غزّة، وهم موهوبون لكن يجب منحهم المساحة، وهذا ما أفعله.” تقول.

اليوم، تعمل الخزندار على مشروع جديد لها: “فراشات فلسطين“، مبادرة جديدة لخلق حيّز افتراضي لنساء فلسطينيّات من مجال التصميم. “أحلم بحيّز افتراضي يجمع نساء فلسطينيّات من أماكن مختلفة”، تشرح. الجهود الهائلة التي تبذلها إسرائيل للتفرقة والفصل بين الفلسطينيين في غزة، إسرائيل، الضفة والخارج، استطاعت أن تفكك عائلات وتقطع العلاقات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة. “المساحة الافتراضيّة يمكنها أن تجسر هذه الهوّة وتلتف على التقييدات وعلى الأقل إلى أن تتمكّن من الحركة واللقاء مجددًا. 

وتسعى لأن يكون لديها نقاط بيع في العالم، وتعمل حالياً على ربط الشبكات لكي تصل منتجاتها ذات القيمة للخارج، وهي “الأثواب الجاهزة من غزة”؛ لكي يرى العالم التصاميم التي تخرج من أبناء غزة أصحاب الأفكار و الإبداع.